الخلاصة:
تناولت هذه الدراسة موضوع الزمّن كأحد المفاهيم الأساسية في درس التاريخ،
ومنه مفهوم الزمّن التاّريخي، وذلك لما للمفاهيم من أهمية في المناهج ال تعّليمية الحديثة،
وقد تم تناول موضوع الزمّ ن كإشكالية مفاهيمية شغلت الأدباء والفلاسفة والعلماء
والتربويين، ولعل التناول التربوي ل هذا الموضوع قد استدعى كلّ هذه المجالات لأن
تكون حاض رة في سياق هذا العمل .
انتظم هذا العمل في البداية بمدخل منهجي للدّراسة، ثم بقس م نظر ي ض م فصلين
هامين، أحدهما خصّ ص للح ديث عن الزمّن والزمّن التاّريخي، وتناول ال ثاّني المنهج
ال تعّليمي وتدريس المفهوم. أمّا القسم التطبيقي فاحتوى التعريف بأدوات العمل
الميداني )الاستبيان ونموذج تحليل المحتوى(، كما انتظم هذا القسم أيضا في فصلي ن
اثنين، ا شتمل الأول منهما على تحليل محتويات برنامج ال تاّريخ في الأطوار الثلاثة من
السّ لم التعّليمي )الابتدائي والمتوسط والثانوي(، وفي القسم ال ثاّني ت م عرض وقراءة نتائج
الاستبيان في مجموعاته الثلاث .
ختاما،ً لق د ميّز هذا العمل ال صفة الارتقائية للمنظور الذي تم تب نيّه، حيث ارتقى
إطار موضوع هذه ال دّراسة في جانبه المعرفي من بنائية جان بياجيه إلى البنائية
السوسيولوجية لإ يف فيجوتسكي إلى إطار جديد لدراسة المفهوم وتوظيفه تربويا من
خلال علم النفس الثقافي لبرتراند طرواديك إلى علم النفس الثقافي التربوي الذي يعُنى
بالمفهوم في بعده الحضاري حيث يكون البعد ال دّيني في ه مصدرا مهمّا في تبني وصياغة
المفاهيم على ضوء العلوم المختلفة التي تناولت المفهوم
من بينها، والذي هو موضوع هذا العمل باعتباره إشكالية في مناهجنا ال تعّليمية
وبالأخص ما تع لقّ بمفهوم ال زمّن ال تاّريخي في المناهج ال تعّليمية لمادة ال تاّريخ، لاشكّ أ ن
هذه المفاهي م جديرة بكلّ جهد تربوي إصلاحي يروم الارتقاء بمخرجات المنظومة التربوية
في برامجها ومناهجها ، بحيث تهدف في الأساس إلى تخريج الإنسان ا لذّي يفكّر بدل
الإنسان الذي يحفظ المادة العلمية أ و المعرفية ويسترجعها في امتحانات ما تزال وفيةّ
لنمط الاسترجاع صياغة وتقييما.ً
لقد عكست نتائج ال دّراسة الميدانية بالفعل الحاجة إلى الاهتمام بديداكتيكية المادّة
ال تاّريخية في الأطوار التعّليمية الثلاثة من حيث الارتقاء ببناء المفاهيم الأساسيةّ ومنها
مفهومي الزمّان والمكان، وذلك تبعا لمعطيات النمو النفّسي للمتعلمّين، مع ضرورة مراعاة
ال تجّربة ال تاّريخية في بعدها ال ثقّافي الحضاري للمجتمع الجزائري. كما كشفت لنا هذه
الدراسة أيضًا الأهم يةّ المتزايدة لتحيين مناهج تكوين الأساتذة كنتيجة لمتطل باّت التغ يّر
الحاصل في الوسائط ال رقّمية باعتبارها وسائط لا غايات، والأثر الذي تحدثه هذه
الوسائط باستمرار في كثير من مناحي حياتنا اليومية.